وأمرنا أن تأخذوا لأنفسكم أزواجا تعمر بكم الدنيا "
من اهم وصايا الديانة المندائية هو الزواج والتي تنهي عن العزوبية ولا يستثنى من ذلك احد وهو واجب على كل مندائي ومع ذلك رجال الدين.
ويعتقد المندائيون بأن الذي يعيش أعزب طيلة حياته فلا جنة له في آخرته, ومن أهم شروط الزواج هو الانجاب عن طريق الزوجة فالزوجة هي الجزء المكمل للرجل وهي التي تنجب الاطفال وبالخصوص الاولاد لأن الأولاد هم الذين يحملون الجنازة ويقومون بواجبات الطقوس الدينية بعد وفاتهم. والسبب وراء تلك المعتقادات هو مساعدة الميت على الصعود الى الجنة
وبما ان الزواج هو الطريق الوحيد للانجاب عند المندائي والانجاب الطريق الوحيد لتكملة الحياة وبما ان الحياة هي اساس الدين المندائي لذا فان الرهبنة محرمة عندهم وينعكس ذلك على رجال الدين بالخصوص حتى يرقى الترميذا الى درجة كنزفرا يجب عليه ان يتزوج وينجب اطفال
وان لم ينجب ذرية فلا يستطيع الصعود بدرجات الدين اكثر من درجة ترميذة. وكذلك بالنسبة لرجال المندائي العامة الذين يتزوجون ولا ينجبون اطفال ان كان باختيارهم ام لا فلا يجوز لهم ان يترأس الواحد منهم جنازة ولا يجوز ان يصبح ابا (أبهاثا) للعروس ( الوكيل) في يوم المهر
ويحرم على المندائي الزواج من الأخت وذريتها وأبنة الاخ وذريتها وزوجة الاخ وبنات ضرة الاخ والعمة والخالة والزواج من اختين في آن واحد ويحرم الدين المندائي الزواج من غير الصابئة وفي حالة واحدة يجيز الدين الزواج من مسيحية ولكن بعد طقوس طويلة وصعبة جدا اذ يجب ان تعمد البنت المسيحية بطريقة خاصة كما هو مذكور في كتاب (ترس الف شيالة) أي كتاب الاثني عشر الف سؤال
ويجوز للمندائي ان يتخذ اكثر من زوجة في الحالات التالية, اذا تم التأكيد عن عدم قدرة الزوجة على الانجاب او اصابتها بمرض معدي عضال وفي تلك الحالات يجب على الزوج العدل بين زوجاته وتأتي الزوجة الاولى في المرتبة العليا في المناسبات الدينية
والدين المندائي يحرم الطلاق بأستثناء الحالات التالية وهي في حالة الزنا, السرقة من بيت الزوج, العقم, الاصابة بمرض عضال, سيئة السلوك والاخلاق, وفي حالة اطعام الزوج طعام عملته الزوجة وهي على نجاسة
ويجيز الدين المندائي للمرأة طلب الطلاق في حالة اثبات العقم عند الزوج, عجزه عن اعالة الزوجة واطفالها, العجز الجنسي, اذا ترك الدين المندائي, اذا تزوج من امراة غير صابئية واذا طلب منها الزوج ممارسة الفحشاء.
الطلاق عند المندائي فراق تام بين الزوجين ولا يجوز ان يعود أي منهم الى الاخر الا ان يتم عقد زواج جديد بينهم وتبقى الزوجة في عصمة الرجل الى ان تتزوج من غيره.
( (يكتسب الزواج اهمية بالغة في الديانة المندائية ويعد فرضا من الفروض التي يجب ان يلتزم بها كل مندائي ومندائية والفرد المندائي لا يكتمل دينه الا بالزواج
والزواج لا يمكن ان يكون شرعيا الا اذا اجري وفقا لمراسيم والطقوس المندائية. اذ تبدا هذه المراسيم بان تزف العروسة الى بيت العريس قبل يوم الاحد الذي ستجري فيه مراسيم الزواج, وفي صباح الاحد يعمد العروسين على انفراد مرتين ويسمى التعميد الاول (زهريثة) والثاني (نشميثة). وبعد التعميد يلبس كل من العريس والعروس رستة جديدة ويبدا الحاضرون ببناء سقيفة من القصب تدعى (اندرونة) او المسكن وتكون على شكل مربع له باب من الجهة الشمالية ويغطي سقفها بقطعة من القماش الابيض وتفرش ارض الاندرونة بالحصران وتهيأ ثمانية اطباق اواني مصنوعة من الطين وتدعى هذه الاواني (طرايين). وواحدة اخرى تكون اكبر من سابقاتها يوضع فيها الخبز المقدس وقسم من الفاكهة وقليل من السمك المشوي والملح والتمر والجوز واللوز والزبيب
وقبل ان تبدأ مراسيم العقد الديني يجب ان يتم التاكد من بكارة العروس وسلامتها, وكانت تتم هذه الشهادة في الايام القديمة من قبل بعض النسوة المشهود لهن بالنزاهة اما في الحاضر يمكن للعروس بالحصول على هذها لشهادة من دكتور ودكتورة ويجب ان تتم بموافقة رجل الدين.
اذ لا يجوز ان يقوم الكنزفرا بعقد زواج الثيب ولكن هناك رجل دين اخر مختص بعقد هذه المراسيم ويدعى ابسيق
تحضيرات مراسيم الزواج :
.1
حضور ثلاثة رجال دين, واحد بدرجة كنزفرا واثنان بدرجة ترميذة بكامل ملابسهم الدينية.
2. حضور رجل منجب ليكون وكيلا للعروس ويسمى الأب.
3. شابان لحمل سلتي ملابس العريس والعروس المخلوطة مع بعض.
4. يجب حضور العريس و العروس ولا يجوز النيابة عنهم.
5. حضور عدد من الاشخاص كشهود على عقد الزواج.
6. خاتمين من الذهب, الاول بحجر اليقوت الاحمر رمزا للرجولة والثاني بحجر الزمرد او الفيروز رمزا للانجاب.
7. نبات الشنان.
8. مشط شعر مصنوع من الخشب.
9. قالب صابون نباتي (صابون الرقي).
10. ثلاث قطع نقود فضية وتسمى هذه النقود (حق ربيثة) اي حق الام لما قامت به من تربية صالحة.
11. يعد احد رجال الدين من درجة ترميذا وجبة الطعام المقدسة والمكونة من لب الجوز واللوز وبعض الفواكه المجففة.
12. تهيئة ابريق معدني مملوء بماء النهر ويلف بقطعة قماش ابيض.
13. تهيئة قليل من منقوع التمر ويسمى (همرة) على ان لا يكون قد بات.
14. تهيئة 26 رغيفا من خبز الحنطة.
15. سكيندولة لدفع الشر على ان تبقى عند العريس لمدة اسبوع.
ويبدا احد رجال الدين بجدل اكليلين (اكليله) من اغصان نبات الآس وهو يقول
(كث اسه بكنينة ايتبل كث مرما هوز زيوا باواني دمن اهود إد إيها بلبي)
ويمثل الآس عنصر الخصب وهو جزء من طقوس التعميد
وبعد ذلك يقف الكنزفرا في باب الاندرونة ويقف العريس على يمينه بملابسه الدينية (الرستة) ممسكا بنصيفة الكنزفرا بعد ان يكون قد اكمل الرهمي اي طلب الرحمة والمغفرة ثم يقوم احد الصبية بوضع السلة ذات الوشاح الاخضر داخل الاندرونة والثاني يقوم بأخذ السلة الثانية لغرفة العروسة, عندئذ ينادي الكنزفرا الترميذا بقوله
(أسكي إنفد وبهر والبسنه ودكي له ايده وارم له سوقة سماقه اليمينه وايراقه لسماله واهبي له آخلت وشانت واقري له بشما غد هيي سيره هثيمه وبصر هيي وسيره هثيمه رفتي بين هاييت وصلاييت)
أي: اذهب الى العروس وتفقد المتطلبات الدينية كالملابس والمفروشات والبسها المحبس الاحمر في اليد اليمنى والمحبس الاخضر في الشمال وطهر يديها واعطها لتاكل وتشرب واقرأ لها بوثة باسم الحي وبوثة سيرة هثيمه وبصر هيي لحفظهما من النوائب
بعد ذلك يقوم الترميذا بسؤال العروس امام الشهود بموافقتها على الزواج ويلبسها الخاتمين ويتأكد من سلامتها ثم يقدم لها لقمة اللوز والزبيب,ثم يعود ليلتحق بالكنزفرا والعريس ليسأله الكنزفرا (يا آهي فرمانخ أبد)
فيجيبه الترميذا:
(إسفدنين وانفدنين وابهرنين والبسننا له وهبنا له الأيده وارميناله سماقه اليمينا وايراقه لسماله وهبناله واخلت وشتاتت وقريناله بشما اد هيي سيره هثيمه وبصر هيي وسيره هثيمه رفتي بين هاييت وصلاييت)
أي: ذهبت الى غرفة العروس وتفقدت طهارتها وعفتها وملابسها وطهرت يديها وألبستها الخاتم الاحمر في اليمين والاخضر في الشمال وأعطيتها هبة الاكل وقرأت عليها بدون زيادة او نقصان
ويلتفت الكنزفرا الى الحاضرين في الاندرونة ويعيد عليهم نفس الجمل التي ذكرها الترميذة الذي ذهب الى العروس ليسمع كلامه الحاضرين والعريس ويبدأ الكنزفرا بفتح كتاب القلستة الخاص بعقد الزواج ويقرأ بعض الأدعية ابتداء من الحرف الاول حتى يصل الى حرف القاف (ق) ويؤشر للشخص الواقف على يمينه في باب الاندرونة ان يكسر المشربة الفخارية التي بيده على حجر معد لذلك, وذلك اعلانا بالبدء بمراسيم العقد, ثم يدخل الكنزفرا والعريس الى الاندرونة على ان تكون وجوه الجميع متجهة نحو الشمال ويجلس وكيل الزوجة مقابلا للزوج ثم ترتب الطرايين الثمانية بحيث تتوسطها الطريانة الكبيرة التاسعة وتوزع ارغفة الخبز والسمك والملح والفاكهة وتوضع الهمرة على الطريانة الكبيرة ثم يوزع الخبز على الطرايين ثلاثة لكل طريانة وقليل من كل شئ
وبعد اتمام التوزيع يلتفت الكنزفرا ويقول (يا اهي ترميذة فلان بر فلانة فرمانخ أبا)
فيجيبه الترميذا (صدرلخ شفقلخ هطايخ) أي ابتهلنا لله ليغفر لك خطاياك. وهكذا يفعل مع الترميذا الثاني وكذلك مع الحاضرين.
ثم يوجه كلامه لوكيل الزوجة قائلا (يا اهي فلان بر فلانة) فيجيبه (أنويثخ الهي والماري) الطاعة للحي ولله ثم يسأل (يا اهي هازن طبوثة المانو هي) أي هذه المائدة لمن؟ فيجيبه الوكيل (هازن طبوثة لفلان بر فلنيثة ابزوي اد كشطة) أي اقيمت هذه المائدة بمناسبة زواج فلانة بنت فلانة زوجة شرعية ويعيد الكنزفرا هذا السؤال على الاب الوكيل ثلاث مرات وبصوت مسموع ويجيبه الاب بنفس الجواب
ثم يلتفت الكنزفرا الى الزوج قائلا له: لقد نصبناك زوجا على فلانة ابنة فلانة زوجا شرعيا بالعهد بشهادة الله الحق الأزلي وبشهادة ملائكته الابرار وبشهادة الحاضرين من الروحانيين والمندائي على ان لا تنقض عهدك ولا تنكل بزوجتك فهي مسلمه اليك بموجب العهد النازل من الله سبحانه وتعالى
(لفكيت من كشطا ولمشنيت ميمرخ ولا نكليت نكيلا اله مزهر نابة امشلمت الوثخ بكشطة كث اد امر نالخ من ماريهون)
ثم يلتفت الى وكيل الزوجة طالبا منه ان يردد بعده: (توم انين إمشلمين الواثخ بكشطة كث اد أمرنالي من ماريهون) أي: اني اسلمك إياها بالعهد الذي امرنا به الله وهنا يسحب كل من الزوج والاب من يد الاخر ويتصافحان بتقبيل ايديهما ثلاث مرات
وبعد الموافقة يلتفت الكنزفرا الى الزوج ويقول له (قابين فلان ببرته فلنيثة الواثخ بألفي زوزي ودينار اد دهبه اومنين زعفران بسهدوثة أد هلن ترميذي ومندايي ادبلهن مشكنته برزام شبر نهوي إلي) وتعني: أنني قبلت الزواج من فلانة بنت فلانة بمهر قدره الفي قطعة فضية ودينار ذهبي واحد ومنين من الزعفران وعدد من المحابس بشهادة هؤلاء الروحانيين والمندائيين الحاضرين في المجلس
وبعد قرأة الصيغة الآنفة الذكر يمد الكنزفرا يده الى سلة الملابس الموجودة في الاندرونة ويأخذ منها القطعة الخضراء التي استعملتها العروس كبرقع (خمار) لها حين زفافها ويعطيها الى الزوج ويلفها حول خصره كهدية من الزوجة تشير الى الخير والصلاح والانجاب ويتقدم الجالسون وياخذوا الخبز الموجود على الطرايين ويأكلوا منها وبعدها يجلس الزوج ووكيل الزوجة ويصب احد الروحانيين ماء من الابريق الموجود بالقرب من الطريانة الكبيرة على ايدي الكنزفرا والعريس ويقدم الكنزفرا اللقمة الى الزوج والزوجة مناصفة. بعدها ترفع الطرايين والطعام من وسط الاندرونة وتبدا التراتيل الدينية من كتاب القلستة والتي منها (يا تالي الزيوه شراغة الزيوه اللبي) معناها ربي هب لي سراج نور من نورك هداية لقلبي, ويسقي الزوج سبع مرات من عصير الهمرة الموجود في القنينة الصغيرة وأثناء التلاوة تهدى الى ام العروس القطع الفضية الثلاث مع قالب الصابون والشنان حيث يقول الكنزفرا: (باله إما الهديثة ربيثه) وتعني تستحقين يا ام (الحديثة) هذه الهدية بحق تلك التربية وحفظ الطهارة
بعد ذلك يذهب الكنزفرا والعريس الى غرفة العروس وقبل الدخول تكسر مشربة فخارية (جرة) ثانية في الباب إعلانا بقرب إنتهاء العقد ثم يدخل الكنزفرا والعريس مع عدد من الحضور ويجلس العريس على فراش الزوجة على ان يكون ظهره ملاصقا لظهر العروس ويقرأ عليهم بعض الادعية ويضرب الكنزفرا رأس أحدهما بالاخر ضربا خفيفا سبع مرات دلالة على فرحة سبعة أيام الزواج
يعود الكنزفرا والعريس الى الاندرونة ويبدأ بقراءة الكثير من الادعية والوصايا من كتاب القلستا ثم يدور المركنة ثلاث مرات حول العريس وتعني انه قد تحلل من كافة مسؤولياته الدينية إي ادى واجبه الديني. ويجب على العريس أن يحتفظ بالسكيندوله مدة سبعة ايام العرس حماية له من شر الشيطان
ويجب ان يعيد الزوجان عمادهما بعد سبعة ايام